حين كان العناصر يعودون في آخر الليل من القسم 14، ويدخلون المهاجع ثملين هدهم التعب، وتعلو أجسادهم علامات الفراغ، كنت أراقب ارتماءهم واحداً واحداً على أسرتهم المصطفة على جانبي كل مهجع، كأن سلاحاً رشاشاً في آخر الممر يفتح النار فيتساقطون تباعاً، وما هي الا لحظات حتى أبدأ بتخيل ليلتهم الأسبوعية الحافلة، وأركب من روائحهم وهزالهم وعباراتهم البذيئة مشهداً للقسم والغرف الداخلية، كنت أحاول في كل مرة أن أنجو من كمين الرشاش الذي يودي بهم جمعيا.
من صفحة الغلاف
قليلة جداً هي الكتب التي تتركني بعد إنهائها في حالة من الفوضى الفكرية وتزجني في دوامة من المشاعر، بعد أنهاء كل قسم كنت أقف مشدوهة متسائلة عن صحة ما كتب في طيات هذا الكتاب وعن مدى مصداقية قصة بطلها الذي لم اعرف عنه سوى أنه عقيد يشرف على القسم 14 ... غاب المكان وغاب الزمان والشخوص، لم يحدد عباد يحيى مكان هذه الرواية او زمانها وربما او بالتأكيد فعل ذلك لسبب بسيط وهو مدى صلاحية ما حدث في القسم 14 لكل الأقسام في كل الأماكن والأزمان ..
جريء عباد يحيى في طرحه كالعادة يتناول مواضيع حساسة جدا ويكشف ما تحت الستارة وما خلف الكواليس وما لا يجرؤ اي كاتب على فعله
هذه المرة الثانية التي أقرأ فيها للكاتب النزيه عباد يحيى، كتب رام الله الشقراء التي أوضح من خلالها واقعنا الأشقر عبر رسائل فيس بوكية أخذتني وهي التي دفعتني لقراءة الإبداع الآخر " القسم 14" أنتظر مزيدا من الإبداع المختلف
استجاب الرائع عباد يحيى في عمله الثاني لما يدور في اذهان البعض او من يراه البعض اﻻخر ويغض الطرف عنه.
( القسم 14) هي صرخة مدوية ﻻعادة تسمية اﻻمور بمسمياتها و محاولة لشرح تحول شعب بأكمله من اسطورة للمقاومة الى بائع لجزء بات ﻻ يمتلكه من ذاته. احداث العمل مقتصرة على المقاتل الذي افنى عقودا حامﻻ روحه على كفه وانتهى به المطاف قائما على شاشات مراقبة بؤرة من بؤر التدجين. اﻻ انني ارى ان التعميم يطال جميع قطاعات المجتمع واقتبس ( تبدو اﻻمور مختلفة اليوم ويبدو ان المعسكر تضخم واستدخل كل ما حوله، وﻻ وجود لمجتمع حول المعسكر، يبدو ان مجتمعا اصبح داخل المعسكر.)
استبدال عقيدة بخواء اﻻمن واﻻمان وتأدية الواجبات للحفاظ على اﻻمن هو ليس فقط ما آل اليه حال مقاتلي اﻻمس بل هو حال ابناء هذا الوطن بمختلف قطاعاتهم وهم الركيزة اﻻساسية في تدعيم تلك الحالة الهشة من ادعاء اﻻمن خلف اسوار اﻻحتﻻل واﻻكتفاء بدور اهداف للرماية المستقبلية.
للمرة الثانية يقوم عباد باﻻنتقال بالقارئ الى اماكن اخرى بسﻻسة فتتحول الحروف الى اشكال واﻻشكال تصدر اصواتا يسمع صداها بين فينة واخرى. وعند العودة من تلك الرحلة نقف مذهولين امام قبح واقعنا.
طوبى لك وطوبى لتلك اﻻقﻻم التي تنقل لنا استغاثات احرار رفضوا التدجين او مدجنين يؤلمهم ان يلحق بهم آخرون لم يحن موعد لحاقهم بهم.
سألت نفسي الف سؤال, واحب الكتب التي تبقيني مرتبكة ودون اجابات جاهزة ..
يحيى عباد ,, نجحت في اغاظتي ..
يتناول الكتاب ظاهرة مهمة جدا يمكن ان تكون هنا بين اروقة هذه المدن او اي مدينة عربية ولا يعلم بها الا الله ..
والاعظم من كل ذلك ان الامور تحبك وتنفذ في النور دون اي اعتراض !!
لم أصدم , لكني تعجبت !!
جميلة وممتعة, سهلة ومشوقة وجديدة بالنسبة لي
استمتعت بها..
Previous
Next